الأحد، 13 مايو 2012

د. سمية بن خلدون:


جانب آخر في هذا الإطار، هو استغلال المرأة كسوق مفتوحة دائما، لأن هذه الإمبريالية النفسية تستطيع أن تعمل على وعي الإنسان وعلى عاطفته، لتجعله من خلال هذه الإعلانات يشعر دائما بحالة من القلق ومن عدم الرضا ومن عدم الالتزام، إلا إذا اقتنى سلعا بعينها.. في هذه الحال يشعر بالرضا!!
فبالنسبة للمرأة، استطاعت الشركات متعددة الجنسية أن تخلق صناعات برأسمال يبلغ بلايين الدولارات، تتمركز حول مساحيق التجميل وعرض الأزياء وما إلى ذلك، وتهدف كلها إلى أن توحي للمرأة أنها إذا لم تستعمل هذه المساحيق وإذا لم تلبس وفق هذه الموضة المعينة، فإنها ستكون قبيحة وغير مرغوب فيها.
منتهى الرمحي:
النساء يصدقن هذه الإعلانات؟
د. سمية بن خلدون:
من خلال الإعلانات ومن خلال القصف الذهني، تتولد عند المرأة هذه القناعة، وحينما تتولد عندها هذه القناعة يتم تغيير ذلك المسحوق، حتى تكون المرأة دائما سوقا مفتوحة بشكل مستمر!
منتهى الرمحي:
مكالمة هاتفية الآن مشاركة من الأخ أحمد راشد من المملكة العربية السعودية.
أحمد راشد سعيد:
إن هناك إحدى الجمعيات في الولايات المتحدة نفسها اسمها:
Women against the use and abuse of Women
ويدخل في Use and abuse استخدام المرأة كوسيلة ترويجية رخيصة في عملية الإعلان.. أنا أقول إنه في عصر العولمة أصبح الجسد جزءا من ثقافة هذه العولمة.. أصبح الجسد جزءا من ثقافة الصورة.. وأخطر ما جاء في ثقافة الصورة هو حضور الجسد في العالم كله، وتداوله بوصفة سلعة استهلاكية.. ومع تقدم فنون الإعلان والتجميل ومسابقات ملكات الجمال، تقدمت فنون صناعة الجسد وفنون الاهتمام بالمتع على اختلاف أنواعها.. أصبح رجال الفن والإعلان والسياسة وغيرهم يقدمون باعتبارهم أجسادا جميلة قبل أي اعتبار آخر.. لم يعد جمال الجسد الأنثوي مرتبطا بالوظيفة كالإنجاب والإرضاع.. لم يعد مرتبطا بالأمومة والحنان.. أصبحت المقاييس المثالية للجمال هي الإثارة.. وهنا تدخلت الثورة التقنية لتحول صاعة الجمال إلى نوع من البيزنس.. ولذلك نشاهد أن الأنظمة الغذائية انتعشت وصناعة الأغذية الخاصة انتعشت، والرياضة الموجهة.. ونشاهد أيضا أنه جرى تعميم النموذج المثالي لجسم المرأة ومقاييسه ومعاييره، وما يجب أن يظهر من هذا الجسد وما يجب أن يختفي منه، عبر مئات الآلاف من الصور، وعروض الأزياء، والأفلام، وأغلفة المجلات، يعني أصبح أخطر ما في الأمر أن جسد الأنثى أصبح مثالا يمكن أن يتحول إلى حقيقة، ليس من خلال تطبيق نظام غذائي، بل من خلال الجراحة التجميلية، كما أشارت الأخت فاخوري.. يعني أصبح هذا المفهوم ضمن حرية تغيير الجسد.. في عام 1998 شهدت الولايات المتحدة إجراء ما يقارب ثلاثة ملايين عملية تجميل لا تشمل التشوهات الخلقية، بل هي عملية تجميل محصورة فقط في الشد والحقن، تكبير الصدر وتصغيره، عمليات تغيير الجلد.. أصبح الجسد وليس المؤهلات الأخرى هو الطريق إلى الوظيفة، أصبح الشكل هو معيار قبول ونجاح المضيفات والسكرتيرات وموظفات الاستقبال والممثلات، وحتى مديرة التسويق.. جميع الشركات والبنوك والفنادق تؤمن أن الجسد هو المعيار الحقيقي لاختيار المرأة كعاملة، وليس روح هذه المرأة، وليس إنسانيتها، وليس عقلها ومؤهلاتها العلمية والخبرات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق